مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فاطمة بن محمود
شاعرة وقاصة



عدد المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 16/04/2010

أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم Empty
مُساهمةموضوع: أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم   أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم Empty16/4/2010, 13:00

متابعة لربيع الشعر العربي في مدينة مولاي ادريس زرهون بالمغرب
( الذي ألتأم أيام 28/29/30 مارس20010)



بقلم : فاطمة بن محمود / تونس



هناك مدن تسكنكها
و هناك مدن تسكنك
و أنا .. أسكن مدينة و أحلم بمدن أخرى..
سمعت عن المغرب حكايات و لكن ليس الذي يرى كمن يسمع .. هناك تجربة تعيشها هي التي تصنع العلامة الفارقة.. و أن تجرّب المغرب يعني أن تراها بكل حواس و تلتقط نبضاتها فتجد نفسك عاشقا حد الثمالة.
ذهبت للمغرب و زادي حقيبة سفر مكتنزة بمشاعر فيّاضة و فضول عنيد و شوق جامح..
ماذا خلف تلك الجبال الشاهقة ؟

مطار الدار البيضاء هو بحجم مدينة لذلك احذر ان تجوب كل أرجائه .. ستتوه حتما.

كنت أمام كابينة هاتف أجرّب أرقام أحبّتي المغاربة و كان هناك رجلا يتابع حركاتي.. أفشل في تركيب الأرقام المناسبة و الرجل يسلّط نظراته عليّ.. من الممتع أن أثير اهتمام رجلا وسيما.. أفشل في التواصل مع أحد من الأحبة المغاربة و نظرات ذلك الرجل أصبحت تضايقني و تستفز المرأة الغريبة..
هل يتربّص بي ؟
هل شعر أني غريبة و وحيدة و يريد أن يقتنص لحظة ارتباكي لسرقتي..
انه يقترب مني الآن .. أتحسّس حقيبتي جيّدا ، يقترب مني أكثر و أشدّ على حقيبتي أكثر..
و في اللحظة التي كنت أهمّ بالصراخ في وجهه مدّ لي الرجل هاتفه الجوال و قال بنبرة هادئة.. " تفضلي .. أطلبي من تريدين ، كابينة الهاتف تلك معطّبة ".
و أسقط في يدي .. ذهلت و خجلت من نفسي.
(قصة قصيرة جدا)
لا تصنع الحكايات حول المغاربة بل هم الذين يصنعون الحكايات هم الذين يثيرون كل حواسك و يبثون فيك من طيبتهم الوارفة ، من بساطتهم العميقة من شهامتهم العالية فتجد نفسك أسير انسانيتهم..
في الطريق الى مدينة مولاي ادريس ( بالوسط ) كنت رفقة الشعراء محمد أعشبون و ابراهيم قهوايجي و جابر بسيوني من مصر .. كانت الطبيعة تشبه كثيرا تونس و لكن الفرق ان المغرب تتميز بهذا الامتداد الشاسع و قد يعود ذلك الى اختلاف المساحة بين البلدين .. لم أكن أشعر أني غريبة .. كأنني في تونس و أنا أعدو فيها جامحة..

* أمسية شعرية في مدينة الحاجب :

مررنا بالرباط و سلا و مكناس .. و مالت بنا السيارة على مدينة سبع عيون حيث رافقنا الشاعر العراقي الكبير عدنان الصابغ و منها الى مدينة الحاجب دحيث وجدنا تلاميذ ثانوية المدينة ينتظرونا و قد خيّروا أن يستقبلونا بعرض مسرحي هندسه لهم شاعرا شابا و مهذبا و موهوبا جدا ستسمعون عنه كثيرا هو نجيب طبطاب يدرّس تلامذته اللغة العربية و إضافة لذلك يكشف لهم جمال الركح و فتنة النص و يشذّب ذائقتهم بقيم جمالية و أدبية راقية .. بعد ذلك كان لزاما أن نردّ التحية بقراءة شعرية تداخلت فيها أصوات الشعراء بتصفيق التلاميذ.. كان تفاعل التلاميذ تلقائيا و مذهلا وهم يرون أسماء شعرية حدث أن قرؤوا لها الكترونيا و تنفّسوا حبر قصائدهم ورقيا تمرّ بديارهم و تنفث في الهواء قصائدهم.. قرأ الشعراء عدنان الصايغ و محمد أعشبون و ابراهيم قهوايجي و جابر بسيوني و فاطمة بن محمود .. عاد الشعراء أطفالا بين التلاميذ.. و كان التفاعل بين الشعراء و التلاميذ تلقائيا و عميقا و و رائعا..قال الشاعر العراقي الكبير عدنان الصايغ " هذه من أجمل أمسيات الشعر في حياتي ".. و كعادة المصريين الرائعين كان جابر بسيوني ينثر على الجميع روح دعابة خفيفة زادت في أريحية اللقاء و جماليته...
غادرنا مدينة الحاجب و بدت مدينة مولاي ادريس في الليل كتلة ضوء متلألئة في قمة الجبل .. كان الصعود اليها مثيرا و أنت تكتشف تعرّجات الطريق المتصاعد نحو السماء..
مدينة مولاي ادريس كانت أول عاصمة للأدارسة اختاروها في قمة الجبل تقترب من السماء في محيط طبيعي بديع .. كانت في علوها تشرف على السهول الشاسعة و الهضاب الجميلة.. هناك استقبلنا ببشاشة و لطف عبد الرحيم الحليمي و محمد الشرّادي اللذين كانا مع النسر الملكي ابراهيم قهوايجي مهندسو الملتقى .. و لم يكونوا ثلاثتهم ليكسبوا رهان نجاح الملتقى و تألقه دون مساندة مادية و معنوية من سعيد مقريني رئيس المجلس البلدي و محمد أعشبون شاعر مغربي يقيم بهولندة.
كان يجب الدخول للفندق بالولوج قليلا في المدينة العتيقة و استكشاف التواءات الأزقة المتصاعدة نحو الأعلى لتجد نفسك في غرف أنيقة على الطراز المغربي الأصيل تطلّ نوافذه على سكان البلدة فترى من النافذة بنت على سطح بيتها تنشر الثياب على حبل الغسيل و يتناهى اليك ضحك الأطفال و تشمّ رائحة الطعام.. فتشعر بألفة المكان..
أثناء عشاءا مغربيا لذيذا تعرّفنا على المحتفى به في هذا الملتقى وهو الزجّال المغربي الكبير ادريس أمغار المسناوي الذي حضر ترافقه زوجته و ابنه و كان العشاء بنكهة مغربية ممزوجا بقصائد زجلية و رشّت عليه طرائف مصرية .. فكانت البهجة تغمر الجميع..
كنا قد توغلنا في الليل و قد أخذ منّا التعب الممزوج بالمتعة الكثير .. لذلك دلف كل واحد منا الى غرفته فوجدنا النوم ينتظرنا على أسرة دافئة فدخلنا في سبات عميق.

* رأيت قصيدا .. حافيا :

في المغرب يحتفى بالشعر بكافة أشكاله .. يمجّد القصيد مهما كانت صيغته..
في المغرب – وهي من البلدان العربية القليلة – التي تعترف بالزجل و تمنحه مكانة راقية..
انها تعتبره – وهي محقّة – شعرا في لغة أخرى.. لغة الحكي اليومي ، لغة الشعب البسيطة.. لذلك يعتزّ المغرب بزجّاليه و لهم شعبية بلا حدّ... انهم صوت الناس يقولون بلهجته كل مشاعرهم الرهيفة كل أحلامهم البسيطة كل معاناتهم الانسانية كل تجاربهم الحياتية كل قيمهم النبيلة.. لذلك كان ملتقى مدينة مولاي اريس يحتفي بأحد عمالقة الزجل المغربي ادريس أمغار المسناوي..
و أمغار تعني في الأمازيغية : الشريف.
ان الزجال المسناوي يحتلّ في قلوب الحضور المكانة الأرقى وهو رجل نحيفا، حييّا ، متواضعا ، أليفا .. عندما تراه تشعر أنك تعرفه منذ زمن.. و عندما تسلّم عليه تلمس بساطته العميقة و طيبته الوارفة...و عندما يقرأ أشعاره الزجلية تودّ لو تعانقه .. انه في شعره يقول الحياة في أرقى معانيها، يحدثك عن تجاربه الانسانية في أشفّ صورها..
ادريس أمغار المسناوي أو شيخ الضوء كما يحلو لمريديه تسميته يقول الشعر ليؤسس للحكمة.. انه شاعر من الطراز الفريد الذي لا تنجبه أي بلاد الا .. لماما.
كانت الاجراءات الاحتفالية ( في افتتاح الملتقى ) تتم بشكل عادي و لكن لأن المحتفى به شاعرا غير عاديا و لأنه عميقا و رائعا.. فان الاحتفال خرج عن مساره التقليدي و تحوّل في لحظة الى حدث استثنائيا..
كيف ؟
- هل رأيت مثلي قامة شعرية باذخة تطأطىء أمام محراب الشعر ؟
هل رايت مثلي شاعرا يبكي أمام الملأ من فرط رهافته و دهشته ؟
- هل رأيت مثلي قصيدا .. حافيا ؟
أعتبر نفسي محظوظة أن أكون شاهدة على حفل تكريم شيخ الزجّالين و سيد الشعراء المغاربة .. المسناوي.. عندما نودي على الزجال الكير شيخ الضوء المسناوي للصعود على الركح و القاء كلمته .. اقترب هذا الرجل النحيف الرقيق الجميل من مدرج الركح ثم ببساطة نزع حذائه و اعتلى الركح حافيا ..
قائلا : ان الركح .. محراب الشعر و الابداع مقدّسا .. لا يجوز صعوده الا .. حافيا "
و اهتزت القاعة بالتصفيق الحار و الهتاف العميق..
في لحظة استثنائية تحوّل المسناوي الى قصيد شعريا ماثلا أمامك .. انك تنظر إليه فلا ترى رجلا ، بل قامة شعرية عالية و وارفة.. لا يزال التصفيق حادا له و أراه أمامي على الركح بدموع تنزل من عينيه و تنحدر بسرة في خجل.. لا يزال التصفيق حادا .. و التاثر الشديد يخيّم على كل الحضور.. كان محمد الشرّادي قد فضحته الدموع و التفت بجانبي كان الدكتور الناقد محمد رمصيص و كنت أريد أن أستنجد به من حدّة اللحظة و شدّة زخمها فاذا به يداري دمعة تفضح طفولته الرهيفة .. لا يزال التصفيق حادا في القاعة .. و الشاعر الكبير يقف حافيا على منصة التتويج و الجو مشحونا بانفعالات في أقصاها.. و استنجدت بالكاميرا في حقيبتي لألتقط حدثا لا .. يتكرّر.
بعد هذه اللقطة الشعرية باذخة الجمال .. ألقى شيخ الزجالين المسناوي بعض قصائده فكانت تضفي عليها الأجواء الصوفية المفعمة بالضوء.. التي تمجّد الطين و تحتفل بالمقام و تعتمد الكشف لتطلّ على قيم انسانية و جمالية خالدة.. و هذا ما يجعل من هذا الزجّال شاعر التأمل و الحكمة بل و يرتقي به من القطرية الى الكونية ..
كم أنا على حظ كبير أن أستمع اليه يرتّل قصائده فيحتفل بالانسان و يلقي أزجاله فيمجّد الحياة .. و يرتدّ صدى صوته في القلوب فتستيقظ الأحاسيس الجميلة في كل النفوس .

* شعر حتى .. مطلع الفجر :

المغرب بلاد الجمال و الشعر و البهاء .. و مدينة مولاي ادريس تعكس روح المغرب الابداعية و نبضها الدافق بالضوء و المحبة و الشعر.. لذلك كانت قاعة المسرح تغصّ في المساء بروادها الذين جاؤوا من كل حدب و ذوق ليقرؤوا الشعر و يستمعوا الى الشعراء.. فصعد المنصة الضيوف الشعراء من المغرب و خارجها و تداولوا على تجميل المعاني الانسانية عددا منهم .. عدنان الصايغ، عبد الحميد شوقي، وفاء عبد الرزاق ، محمد منير ، فتحية الهاشمي ، هاني نديم ، ضحى بوترعة، محمد الزرهوني ، ابراهيم قهوايجي ، سندس بكار ،محمد أعشبون، زين العابدين اليسّاري ، فاطمة بن محمود... و آخرين.
بعد العشاء .. كانت القاعة الفسيحة قد أصبحت ضيقة جدا لفرط اكتضاضها .. كل الشعراء بهم رغبة شديدة لقراءة قصائدهم و كانت القصائد بالفصحى و العامية و الصور الشعرية تضجّ بالحياة و يتقاطر بهاءا .. استمعنا الى الكثير من الشعراء و بقي بعض الشعراء ينتظرون.. فقد سلب الارهاق و شدّة السهر منهم قصائدهم.
في ذلك المساء كانت الشاعرة العراقية المبدعة وفاء عبد الرزاق التي التحقت بنا و تشاطرني الغرفة.. و تضفي عليها بعض من روحها الجميلة..
كانت وفاء عبد الرزاق تتقن بمهارة التعامل مع اللغة شعريا ( فصحى و زجل عراقي) و بنفس القدر من المهارة و الشاعرية تتقن التواصل الانساني و الاجتماعي..
و لعلها صفة كل مبدع حقيقي..
كنّا نقرأ الشعر لبعضنا و نتبادل طرائف الحياة و نضحك ملء.. طفولتنا.

* صباح .. النقد الجميل :

في اليوم الثاني .. كان لنا لقاءا جديدا في مصافحة الناس و تقبيل المدينة على طريقتنا.. كان جو الألفة و روح الدعابة شائعا بين الجميع .. و انطلقت فعاليات الملتقى بجلسة شعرية نقدية عنوانها " خصوصية المتخيل الشعري في التجربة الشعرية لإدريس امغار المسناوي " نشطها الشاعر عبد الحميد شوقي.

* استهلها الناقد الدكتور محمد رمصيص الذي قام بتنزيل نظري للمتخيل الشعري ففصل بين الخيال و المتخيل .. و اعتبر أن المتخيل وسيلة لتفسير العالم و قول الجمال و تدرج في تتبع المتخيل من فلاسفة اليونان و العرب و الغرب .. وصولا إلى مرحلة الحداثة دون أن يغفل قيمة المتخيل في المقاربة البسيكولوجية و انتهى إلى طرح أسئلة مربكة عن علاقة المتخيل بالشعري .. من قبيل : هل المنجز الشعري يخضع للوعي أم للاوعي ؟ و هل القصيدة تكتبها أم نكتبها ؟
* الشاعر و الفنان التشكيلي و الناقد عبد الرحيم أبو صفاء اشتغل على المتخيل الفلسفي عند الشاعر المسناوي عندما أشار أن شيخ الضوء يشتغل على ثنائيات عديدة مثل الوهم و الحقيقة، الحياة و الموت ، الخلود و الفناء .. ليعكس علاقة الإنسان بالوجود و هذا ما جعل المسناوي يكتب الوعي الإنساني و يرتقي الى مستوى الكوني..
* الزجال و الناقد خالد الموساوي اعتبر الزجل نقطة تواصل بين الشعري و الفلسفي و هذا ما جعل الموساوي ينتبه الى مستويات الحوار في الخطاب الزجلي للمسناوي من ذلك :
- حوارية الايقاع الداخلي و الخارجي
- حوارية البصري و السمعي
- حوارية الذاتي و الموضوعي
- حوارية العامية و الفصحى..
اضافة الى اهتمام الزجال الكبير المسناوي على مجموعة من الرموز ( الانسانية ، الدينية ، الشخصية ..) و الأساطير ( الملية و العالمية ) و اشارته الى النص الغلائب الذي يحضر من خلال ايحاءات متنوعة و تناص ابداعي مع مرجعيات دينية و فلسلفية.. كل ذلك يجعل من الشاعر و الزجال الكبير مميزا في أسلوبه الشعري و متميزا في ثراء الدلالات التي يشتغل عليها.
* مقاربة الشاعر و الناقد ابراهيم قهوايجي ركّزت على قراءة هرمنطيقا الضوء و الحب .. ففصل بين الضوء و النور و اعتبر إن الضوء هبة الأرض و أن لغة الضوء هي رسالة من العالم الأرضي الى العالم السماوي و أن شيخ الزجالين المغاربة يبني جسرا من المعاني تربط بين المدنس و المقدّس..
ثراء المقاربات النقدية و تنوعها جعل الحضور يتفاعل معها و تحتدّ الأراء بينت هذا و ذاك بما يعني شدّة تقديرهم للشعراء ، بما يعني تمجيد الزجل و عشق شيخ الزجالين و ضوءهم : المسناوي.
و قد أثارتني مكانة الزجل و قيمته في المشهد الابداعي المغربي .. و راقني جدا هذا الاحتفاء الجميل بالزجالين لذلك كنت بشعور مميزا أتابع الأمسية الشعرية الزجلية لذلك المساء و تداول على الركح شعراء مميزون أذكر منهم ( و أعتذر بلطف من الآخرين ) :
- ادريس بالعطار : الذي يتقن صياغة الهمّ العبي بلهجة مغربية تصدح بالأنين و تعجّ بالألم .. قرأ قصيد لغزة و رأيت بعض الحضور يبكي تأثرا بمناخ الفجيعة و الدمار و الموت داخل القصيد الزجلي و يعكس رهافة المغاربة في استماعهم للزجل و تقبّل معانيه.
- خالد الموساوي : يشتغل في قصائده على ثنائية الذاتي و الموضوعي و ينطلق من الاقليمي الى الانساني بواسطة قيم جميلة رهيفة و صور شعرية تمجّد الانسان في المطلق.
- توفيق الأبيض : يقدم ومضات زجلية و صور رقية يؤسس بواسطتها لنمط زجلي جديد و مختلف و يذلك ينحت معجم لغي بدوي يوظفه لاختزال اللحظة الشعرية و تكثيفها.
- أحميدة البلبالي : يوظف الأساطيرالقديمة فيستحضر انكيدو و تموز و انانا و أوتو .. ليعيد تأسيس علاقة الانسان بالانسان و علاقة الانسان بالطبيعة حتى ينشيء كونا قيميا جميلا.
- حفيظ المتّوني : هذا الزجال يتعامل بمهارة مع الهمّ الاجتماعي فيلتقط الأحداث اليومية و يحوّل تفاصيلها الى صور شعرية في غاية الرقة و الألم وهو ينشد قصائده في مقاطع و يغنّيها في اخرى موضفا في ذلك صوته الرخيم.. و لذلك تجده و باقتدار يمسرح عرضه الشعري و يتحكم في نبرات صوته فيراوح بين علو الصوت و خفظه حسب سياق المعنى..

* عندما يبكي الشعراء :

يرتقي المنبر المحتفى به شيخ الضوء و سيّد الزجالين ادريس أمغار المسناوي الركح و يعلن أنه يتخلى عن حضور الملتقيات الشعرية و يختار العودة الى عزلته ليكتب نبضه الانساني بعيد عن الجميع.. عندها رأيت الشعراء يبكون.. توفيق الأبيض يغادر القاعة غاضبا .. عينيه تترقرق بالدموع و تسقط محفظته فيلتقط تبعثره و تسبقه دموعه على الأرض .. بعينيّ رأيت خالد الموساوي يتكئ على جدار المسرح و ينخرط في بكاء مرير.. لا يمكن لسيد الضوء أن يغادر ضوئه، لا يجوز لشيخ الزجّالين أن يترك مريديه حزانى لفقده .. و يتامى بعده ..
رأيت الشاعر العراقي الكبير عدنان الصايغ – كما الجميع – مذهولا...
- هل يمكن أن يبكي الشعراء من أجل شاعر حيّي يرزق بينهم ؟
- نعم يحدث ذلك .. المغرب فقط.
هنا .. رأيت الشعراء يتهافتون من أجل تقديم بعضهم..
هنا رأيت الشعراء يدفعون من مالهم الخاص من أجل إنجاح الملتقى..
هنا رأيت الشعراء يحفظون قصائد بعضهم ..
هنا في المغرب يحدث .. ما .. لا .. يحدث في بلاد أخرى..
عندما كنت أجمع أشيائي في حقيبة السفر .. كنت ألتقط تبعثري و ألمّ شتات دهشتي..
هل أنا حقا في .. المغرب ؟

* الحلم الجميل :

في طريقنا الى مدينة ابي جعد ( في الجنوب ) لحضور الملتقى الثاني (هو ملتقى الشعر العربي في دورته 14 ) مررنا على مدينة أثرية خلّفها الرومان فكنت ترى الشعراء أطفالا في غاية السعادة وهم ينطلقون هنا و هناك ..ثم عنّ لأحدهم أن يصعد منصة قليلة العلو أمام مدرّجا ضخما و يقرأ شعرا و سرعان ما تحلّق الجميع حوله و بدأ الشعراء يتداولون تلقائيا على قراءة الشعر يتلوه تصفيقا حارا مشحونا بالمحبة و التلقائية والصفاء .. وكنت الشعراء على طفولة باذخة و السياح على دهشة من الحدث فكانت كاميراتهم مصوبة نحو الشعراء و فلاش العدسات يجتهد في التقاط الصور الشعرية المضيئة داخل القصائد.
في طريقنا الى مدينة أبي جعد كنت في سيارة الشاعر اللطيف زين العابدين اليسّاري الذي فضّل أن تكون المشاهد الطبيعية الرائعة مرافقة بقصيد شعري .. و شغّل الكاسيت ليعلو صوت شاعرا آخر هو صديقه عبد الرحيم أبو صفاء .. و كان يحلو لزين العابدين أن يقرأ معه بعض المقاطع الشعرية التي يحفظها .. كنّا نستمع للقصيد و كنت.. أنصت لصوت صداقة نادرة في أوساط الشعراء.. أنصت لنبض محبة صافية .. كنت في حالة ذهول ..
- أليس هذا ما أحلم به ..؟
أن يكون الشعراء أطفالا يحبون بعضهم بنقاء..
أن تسود الأخلاق الشعرية الشفيفة الجميع دون حسابات ضيقة أو نوايا مبيّتة..
انها المغرب .. الأرض التي تجعلك تعيش حلمك ..
الآن .. أكتب انطباعاتي و لا أريد أن أغادر هذا الحلم الجميل..
أرجوكم .. لا تحدثوا الضجيج حولي .. أني أحلم .. أحلم ..أحلم...







* ملاحظة : نشر هذا المقال ورقيا بجريدة " الصحافة" التونسية بتاريخ 8
أفريل 2010 و لكن سقطت منه سهوا بعض الفقرات.

أنشره هنا .. كاملا.




أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم 25344_111667648856423_100000395640139_145712_1992106_n
صاحبة المقال مع
الشاعر المغربي ابراهيم قهوايجي يتوسطهما الشاعر الزجال المغربي الكبير
ادريس أمغار المسناوي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
موسى مليح
عضو
موسى مليح


عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 29/08/2010

أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم   أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم Empty23/9/2010, 17:26

رصدك لرحلتك كان رائعا
لقد انتهى الملتقى، وبقي ذلك الشعور الخفي ، الذي يعاد اكتشافه ، كلما امتلكنا عينا لاقطة ، وقلبا محبا يعشق الجمال في الفضاء ومؤثتيه...
نتمنى أن تتكرر الزيارات وتتوغلين في الجنوب ، ولك عندي في مراكش بيتا و رحلة لأعلى قمة في العالم العربي ، لعلك ترين المغرب من فوق ، وتمنحينه من صورك المحبة وتطرزين قصائد العشق من أوريكا إلى بير لحفي.
ألف تقدير ومحبة لكل كلمة سطرتها أناملك تخليدا لهذه الرحلة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
العودمحمد
عضو



عدد المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 24/09/2010

أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم   أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم Empty25/9/2010, 21:20

السلام عليك .ان نضج التجربة الشعرية يترجم انفتاح افقك المعرفي كانسان يحب الاخر .قرات لحد الان تجربتين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أنا في المغرب ، اذن أنا في .. حلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاديب المبدع الجزائري احمد حتّاوي
» إذا كنت في المغرب
» التاليف المدرسي في المغرب
» ثلاث رقصات من المغرب العميق
» ما أتذكره ..سيرورة الحركات الأدبية في المغرب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار أدب الرحلة-
انتقل الى: