الموسم
- آه..!!. لقد توصلت يا عبد الله بدعوة إلى موسم مولاي( بو النواقس) . إنها فرصة العمر..
- الموسم؟!!...وما ذا ستفعل في الموسم يا أحمد؟.
- إن المشرفين على الموسم يريدون أن يكون هذه السنة ثقافيا مائة على مائة. ولذلك سيستدعون مجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية، وأنا من جملتهم...لقد راسلت المنظمين فلم يتوانوا في الكتابة إلي...لقد توصلت بدعوة لقراءة بعض القصص القصيرة...إنها فرصة العمر..
- يا لسعادتك يا أحمد!! ...ستقرأ آخر أعمالك القصصية...تصور معي آلاف المغاربة من كل صوب وحدب، سيستمعون إليك وأنت تقرأ عليهم قصصك القصيرة. سيتهافتون عليك لطلب قصصك، وهذا ما سيدفع بدور النشر إلى طبع أعمالك، ونشرها دون أن تتكلف أنت عناء الطبع. بل سيساومونك عليها. وتبدأ الشيكات والعقود تنهال عليك من جميع دور النشر، ومن كل مكان...طوبى لك...ربما هذا الموسم هو طريقك إلى جميع المكتبات، وبه ستزول عقدة الكتابة والنشر والتوزيع...ستعرف أعمالك من خلال هذا الموسم الانتشار، والوصول إلى كل قارئ . ربما يكون طريقك إلى العالمية. ومن يدري ربما إلى نوبل للآداب.
- كفى حلما يا عبد الله...لقد ذهبت بعيدا.. بعيدا..المهم عندي هو المشاركة إلى جانب بعض الأسماء المرموقة في عالم القصة. كما أن هذا الموسم فرصة لا تعوض. سأختار أحسن قصصي.
وصلت إلى مدينة الجديدة، وحمى الصيف تلهب جلدي..لم أجد أحدا من المنظمين في انتظاري... فلم أجد بدا من اكتراء غرفة مجاورة للضريح.
اتصلت بالمسؤولين عن الموسم، وعن الحفل الثقافي...كان المكتب عبارة عن خيمة كبيرة وضعت بها مكاتب ثلاثة. كان اللقاء باردا برودة الشتاء...فعلمت أن الحفل سيكون ليلا.
هاأنا أجلس أنتظر الافتتاح...دخان الشواء يغازل عينين وخياشيمي، فتراقصت له مصاريني.
بدأ اللقاء...وصياح العيطة يتعالى من كل الخيام التي امتدت على مساحة كبيرة..أخذت زمرة من الأوراق التي دونت عليها بعض القصص القصيرة...بدأت أدرب حنجرتي سرا...فبعد قليل سأقرأ أحسنها على هذا الجمهور العريض الذي أخذت منه العيطة كل كيانه ووهبها كل جسده.
- اسمح لي يا أخي( تقاطع تفكيري شيخة جميلة).
- نعم. ماذا؟..
- أنت فنان معنا الليلة؟!..
- نعم...أنا فنان... وسأقدم عملي بعد قليل..
- ولكن أراك بمفردك؟..أين فرقتك؟. وأي فن تمارس: الكناوي أو المرساوي: ولا السوسي؟.
- إنك مخطئة...أنا فنان من نوع آخر.
- آه...فهمت. إنك فكاهي...هل عندك بعض النكت الشهية الآن؟. أريد سماع بعضها.
- أنا كاتب قصة يا سيدتي...أفهمت؟.( وقلتها بنوع من الاعتزاز)
- كاتب...؟!. أتكتب الكلام؟... وهل هذه بذلة كاتب...الله يعطيك الذل...وماذا تربح من قصصك؟...والله لو تخربش لي بعض الكلمات،لأغنيها لمثل هذا الجمهور الذي تسمع هياجه ونباحه لجعلت منك آدميا آخر...خذ هذه الورقة ، عليها عنواني ورقم هاتفي.
- شكرا لك على كل حال...سأفكر في الأمر..وجاء دوري...فقدمني مقدم الحفلة للجمهور...كان التصفيق باردا..وما كدت أقرأ السطر الأول حتى أوقفني الجمهور بصياحه الذي زلزل مكان الحفل: << وابغينا الشيخات..والشيخات..وابغينا الشيخات...>>.
- أستاذ من فضلك يمكنك أن تؤجل قراءتك إلى ما بعد الشيخات.
- لا مانع عندي(أجبت بعصبية).
وانتهى عرض الشيخات الذي استغرق ساعات.
- والىن هل سأقرأ؟...
- أستاذ ألا ترى أن الوقت لا يسمح بالقراءة... اتركها إلى فرصة قادمة...ومن الأحسن إلى مهرجان ثقافي صرف آخر..
- مهرجان آخر؟..حسنا ....إلى مهرجان آخر وسأحضر معي شيخاتي ليغنوا قصصي.
- وهذا سيكون جميلا..لأنك أنت الوحيد الذي لبى الدعوة..
الرئيسية