مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الكتابة عند الروائية مريم بن بخثة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد داني
مشرف



عدد المساهمات : 56
تاريخ التسجيل : 20/11/2009
الموقع : daniibdae.blogspot.com

الكتابة عند الروائية مريم بن بخثة Empty
مُساهمةموضوع: الكتابة عند الروائية مريم بن بخثة   الكتابة عند الروائية مريم بن بخثة Empty23/11/2009, 14:29

الكتابة عند الروائية مريم بن بخثة


إن الكتابة النسائية أصبحت اليوم نافذة من خلالها تطل المرأة على العالم لتوصل صوتها... وتبوح بمكنونها. فمن خلال الكتابة أوصلت رفضها لوضعها كامرأة داخل مجتمع شرقي ذكوري، مبينة انها عنصر فاعل ، وأنها كامرأة مخالفة للمفهوم والتصور الذي كان سائدا، والذي شوهته الموروثات الاجتماعية والثقافية.

وفي كتابتها هده اعتمدت صوتا ساردا واضحا قوي الحضور، موازيا لقوة حضورها كعنصر فاعل في شتى المجالات.. ويؤكد الأستاذ محمد المعتصم أن << الحضور القوي لصوت السارد في الكتابة السردية النسائية يدل على المقام الذي وصلته المرأة بعد أن تجاوزت المواقف الخجولة وأدوار المسكنة التي فرضتها عليها الشروط الاجتماعية والأخلاقية، والسياسية والفكرية>>.

(محمد معتصم،المرأة والسرد، دارالثقافة، الدارالبيضاء، ط1، 2004،ص: 9)

ومن خلال هذا السرد تعالى صوت المرأة الإبداعي، مهتما بكل القضايا الاجتماعية والسياسية والتربوية والفكرية، والاقتصادية. وبالتالي تنوع سردها، وتنوعت مستوياتها، وجمالياتها،ولغتها.

ومريم بن بخثة تكتب عن الوضع البشري من خلال تصويرها لوضع الإنسان( الفتيات الثلاث)، في واقع اجتماعي محدد، يتميز بالمفارقات.وروايتها (وشم في الذاكرة) تصور هذا التناقض الصارخ.

وهي رواية تنتمي إلى الأدب النسائي- إن جاز لنا هذا التعبير- وهذا الانتماء يتم من حلال مستويين اثنين:

- الأول: أن كاتبتها امرأة.

- ثانية:أن موضوع الرواية، حول مشاكل المرأة الاجتماعية وواقعها، والمستعرض من خلال ثلاث شخصيات نماذج.

ولتطابق الرواية مع الواقع،وامتزاجها به، نكاد نقول: إنها رواية واقعية، لأنها نجد فيها توصيفا للواقع،وذلك من خلال طريقتين:

- الأولى: التوصيف المباشر الذي يأتي عن طريق الشخصيات، أو عن طريق الساردة.

- الثانية: التوصيف الضمني من خلال عرض الحدث الواقعي، وعرض المواقف النفسية المضادة له.

إن الكتابة عند مريم بن بخثة ناتجة عن معاناة.. تدفعها إلى الجهر والصراخ، والتنديد.. إنها في روايتها تحاول لفت الانتباه إلى مظاهر سلوكية بدأت تتفشى في المجتمع المغربي، وتشير إلى قيم بدأت تزول، وتحل محلها قيم جديدة غريبة.. إنها تكسير لبعض الطابوهات، ونزع بعض الأقنعة.

والكتابة عندها صرخة ضد الفراغ الروحي الذي بدأ يستفحل اليوم وبشدة.. إنها ضد عنف المجتمع.

وعندما نتوقف إلى العنوان(وشم في الذاكرة) الذي يشكل عنوانا خطابيا Rhématique ،والذي هو بمثابة نص مواز ندخل منه النص الروائي...نجده يتكون من ثلاث كلمات(وشم+في+الذاكرة).

هذا المركب الاسمي يبين العلاقة الإسنادية التي تتشكلها علاقة موقعية، ومكانية...فالوشم جرح قديم، على الجلد، ظاهر للعيان... كلما رأيناه إلا و أعاد لنا ذكرى حدوثه...والوشم يمكن ان يكون قهريا ، ويمكن أن يكون اختياريا...

وعلاقة العنوان بالرواية ومضمونها، علاقة احتواء واشتمال، وتضمين.. فالوشم ترميز عن الجرح النفسي الذي تعانيه الشخصية جراح شعورها بالذنب على السقوط الذي آلت إليه.. إنها جروح لا تندمل ولا تزول، كالوشم تبقى مطبوعة، وظاهرة على الجلد. وكلما نظرت إلى هذا الوشم، أي كلما استرجعت ذكرياتها الماضية إلا ونزف الوشم وتقيح الجرح، وكان الندم والعتاب، والبوح، والتداعي.

إن النص الروائي ( وشم في الذاكرة)نص صادم.. يبعث على الدهشة، ويحفز على القراءة . ويدفع إلى المتعة. فالدهشة المتضمنة في الرواية تخلق نوعا من التوتر، ونوعا من القلق للكاتبة، وتدفعها إلى السرد، ويتعلق الأمر بالاستنكار الذي ملأ نفس الكاتبة، والاندهاش جراء التحول الذي حدث للشخصيات الثلاث.

كما انه صادم أيضا لأنه النهاية تفاجئنا كمتلقين، إذ كنا ننتظر أن هذا البوح، والرغبة في التطهر والتخلص من الماضي،ستتبعه توبة حقيقية، واحتضان من طرف المجتمع،ورضا الله عنها، ولكن تصدمنا النهاية إذ نفاجأ باعتقالها، وانتقالها إلى مؤسسة سجنية.

والرواية من الحجم المتوسط ، تتكون من 108 صفحة.. قسمتها الكاتبة إلى 17 مقطعا معنونا على الشكل التالي:

- العتمة من الصفحة 9 – 12

- خارطة الطريق من 9 – 12

- القناع 18- 22

- الاستمرار23- 27

- بنات الليل 28 - 30

- النزيف 31 - 36

- جيهان 37- 38

- غيثة 39- 48

- اغتصاب 44- 50

- لحظات حرجة 51 - 59

- كشف المستور 60 - 70

- في حضرة الشرطة 71

- الأقدار 72- 78

- انكسار الدهر 79- 91

- سقوط القناع 92- 97

- ميلاد 98 – 101

- الحرية 102- 107

و هي تتضمن حدثا بسيطا ،يمثل قضية مراهقات ثلاث.. إنها قضية استرجاع، والذي هو عبارة عن مناجاة، ومساءلة وتداع حر،ومونولوج داخلي... كانت تشكله الشخصية المحورية وتمزجه بتوقف digression ، لعرض قصة جيهان وغيثة، ووالدها، وخالد، وتستطرد سعاد بعد ذلك في مناجاتها، وندمها، وبكائها.

كل واحدة من الشخصيات الثلاث النسائية لها مشكلتها التي دفعت بها إلى الدعارة. فجيهان تعاني من التفكك الأسري، ولم تجد أسرة مجتمعة تحضنها فكان الشارع ملاذها، وغيثة تعاني فقرا ومشاكل بالجملة، تعمل خادمة في البيوت،تتعرض للاغتصاب، وتطلب منها امها الصمت لان الفاعل من ذوي النفوذ..

يموت زبون لدى جيهان فيتعرضن للاعتقال، ويتفاقم الأمر عندما تكتشف الشرطة ان خالد من كبار تجار الكوكايين.

والجميل أن الخطاب الروائي (في وشم في الذاكرة) ينبني على مقولات أهمها:

- الانوثة المصادرة.

- القيم العشيرية (مجتمع الذكر) .المرأة تعاني في هذا المجتمع العشري، وتصادر منها مجموعة من القيم.

- الرؤية الدونية للمرأة.

- الانكسارالنفسي، وسقوط القيم، والمعنويات.

- الاغتراب والغربة.

- الألم النفسي، والخوف من نظرة المجتمع.

وأول ما يطالعنا ونحن نفتح الرواية هو فضاء الغرفة... هذا الفضاء يتحول إلى فضاء للمساءلة، والتداعي، والبوح، والمونولوج الداخلي،والندم، واسترجاع الماضي..كما أن الغرفة كفضاء تتحول إلى أزمة، وتأزيم... وبداية المشاكل وتعقدها: موت الزبون، الاعتقال، التعذيب، الاستنطاق، الاغتصاب، الفضيحة وافتضاح الأمر، الصدمة.

وتعرف الأديبة مريم بن بخثة ان تخيل اللغة هو تخيل صيغة حياتية.. واللغة حياة النص الروائي... ولذا نجد تناوبا جيدا بين فاعلية الساردة العليمة، وفاعلية الشخصية الرئيسية( سعاد)، التي تحكي قصتها، وقصة صديقتيها. هذا التناوب يتداخل أحيانا من حلال انقسام الصوت الواحد على ذاته،وتلفظ نفس المتكلم بخطاب الصوتين معا في الملفوظ الواحد.

والخطاب الروائي في ( وشم في الذاكرة) يستحضر عددا من اللغات والأساليب. وأول مظهر من مظاهر هذا التعدد ، العتاقة اللغوية، والتي تشكل تناصات تتقاطع مع نصوص مقدسة، أو أمثال مغربية شعبية..

رواية(وشم في الذاكرة) تنفتح على تأويلات عدة.مغرية بالقراءة والمتابعة ونتمنى للأديبة مريم بن بخثة النجاح والتألق الدائم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الكتابة عند الروائية مريم بن بخثة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المبدعة مريم بن بخثة بيننا
» ماء الكتابة وفيض الكتابة في ديوان" السماء تغادر المحطة" للشاعر المغربي فؤاد شردودي
» صدور الروائة الاولى للمبدعة مريم بن بخثة
» احتفاء برواية وشم في الذاكرة للروائية مريم بن بخثة
» تغطية خاصة بالاحتفاء برواية مريم بن بخثة وشم في الذاكرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات نقدية :: مدار النقد-
انتقل الى: