أظلّل أيقونة العمر أحفظها في المكان القصيّ
، أبعثر ألبوم أفكاري و الأجندة القديمة و أوراق دفترنا المهترئ، أجد صور العائلة و الرّفاق و شعر أبي الأشيب و سور مدرستي المرتفع و "آنستي" و لكنة الرّاء فوق شفاه علي و ضحكاتنا. أقلّب
ألبومنا المتهرئ أجد صور الجامعة: اجتماعاتنا، انتفاضاتنا الغاضبه، مواعيدنا و كفّ عليّ تداعب في غفلة الأصدقاء يدي....
أظلّل أيقونة العمر أحفظها في المكان القصيّ القصيّ، أرى بيتنا،
باب مدرستي و السّياج و الطريق القديمة و صبّارة العاشقين و بنتا
بفستان عرس.... أظلّل أيقونة العمر أفتحها، أجد صور
العابرين" الذين انتهوا عند باب الحكاية قسرا و الذين أتى بهم الليل و
الأغنيات الحزينة و رائحة الميّتين و شكل القبور التي لم تغيّر تصاميمها منذ بدء
اهتمام المهندس بالميتين"
أظلّل أيقونة العمر أحفظها في
القصيّ القصيّ أقلّب ألبومنا المتهرئ، أرى صورا لأخي و جاراتنا العاشقات و شامه.... أحبّته حتى.... و كنت أصوغ الحكاية من أجلها و
أبكي إذا ما استقام الفراق كرمح القبائل بينهما....
سوف يأتي الربيع، رأيته يزحف خلف التلال.
" رأيت المناجل تصطاد خصره " قال أبي و قال" أتى فيلق في المساء و
كنّا استعدنا مناديل زوجاتنا و عادت طيور الحنين تفرّخ فوق المزار القديم... أتى
فيلق فطارت مناديل زوجاتنا و ظلّت طيور الحنين معلّقة على شمعة في المزار"
أعطني نظرتي و حرّر يدي العالقه
في البلاد البعيدة حيث يبكي الرجال و حيث
تصير النساء وقودا لدفء الحكايا ، لم يكن مثلهم طاعنا في اشتهاء النساء و لا كان
غرا تحركه الأغنيات و لا كان بحرا لترتاده العاشقات... كان ينظم من صمته... لم يكن
شاعرا، لنقل كان ينظم عقدا و كان يسبّح( بالعقد أعني) جمال التي لم يبح باسمها و
لم تنتظره على أيّ باب تلك التي أسلمت وجهها للرّصيف المحاذي و التي غيّرت مثل حضن
الحكاية أبطالها. لم يكن شاعرا، لم يكن عاشقا، كان يبكي لوقع الرذاذ على خوذة
نائمه...
أظلل أيقونة العمر، أفتحها، أرى بيتنا و الجدار و بنتا بمريلة المدرسة و
آنستي... كان شعرها مثل السنابل و شعري بلون انتظار النساء على باب ذاك المزار،
بلون المناديل بعد رجوع الطريق بلا أحذية، و أمّي تقول بانّي ورثت خطوط يدي عن
أبيها الذي جاء من غيمة في الحجاز و لون الجدائل عن جدتي لأبي البربريّ... لم يكن
بربريّا أبي و لسنا من المالكين لأرض الهباء و لسنا...
أعطني نظرتي و حرّر يدي العالقة
أظّلل أيقونة العمر أفتحها... أرى... واقفا بين بحر و بحر... يؤلّف أرجوحة
الليل، يوقّع في آخر اللحن دمعته و يرقب شهبا تضيء انتظار المحار على باب
مرقدها.... من سيلوّن
غربتك يا الشمعدان؟
يا العصيّ على الانحناء؟