على مكتب فاخر ، جلس يدوّن فى الأوراق البيضاء سيرة هجينة ، الملف يتنقل بين المكاتب...والسلم الإداري محترم.. وخربشات الأقلام تختلف باختلاف الأشخاص..؟ .
صدأ قاتل يسيل على الأسطر، مداد أسود يعصر الكلمات، قلت في هسهسة ميتة: غداً تباع سيرتي الجديدة في الأكشاك.. الناس الغفلة يلتهمون النص دون روية ، والأذكياء يطرحون الإشكالية..!
جاءني وهو يتماوت في مشيته . وبين الحين والآخر يرسم على شفتيه ابتسامة حمقاء فقال :
ـ ملفك ستنظره عقول مختصة بعد غد...
ـ ما سر تلك الفراغات المبثوثة في جسم النص ..؟
ـ ويلك ، أما تعلم أن النص يتنفس منها أثناء نومه فوق الرفوف ؟ فهو قد يحيا من جديد ما دمت على قيد الحياة .. في كل زمان ومكان ..؟
ـ كلمة الهامش كادت تقتلني.. تجردني من هويتي، تسرق حبي لوطني .. "سري للغاية " ماذا يعني ذلك..؟؟
نظر إليّ في خبث ، واستدار فجأة كمن مسّه سعار قاتل ...
انكمشت البسمة على وجهي.. وتمخضت الأمعاء. ..وانحبست شهقة جارحة في البلعوم. وكاد القيء أن يكون دافـقاً .. ثوان ، سمعت هدير سيارة يقاتل الزمــــن، بابها يوحي باحتمال فتحه المفاجئ .. جلست والظلمة تهمس في أذن الليل جرماً .. ركد الهواء ، عجزت الحنجرة عن تفريغ شحنة الألم ..والضمادة السوداء تعكر صفو الرؤية ، وتخدش حياء العينين .. والقيد اللعين يأكل من يدي ..
ما أنـا إلا ملف لابد من إنجازه .. !؟ منذ ذلك الوقت ، لا أعرف من أنــا ..؟ وأين أنـــا .. ؟